تمديد الاضراب الوطني للاساتذة المجازين المقصيين…
عن المنسق الاعلامي للتنسيقية
14 يناير 2014
يدخل الأساتذة المجازون المقصيون من الترقية بالشهادة إلى الأسبوع العاشر من ‘إضرابهم المفتوح عن العمل , مطالبين الحكومة برفع الظلم و الحيف عن ملفهم الذي تتوافر فيه جميع الشروط الموضوعية لتلبية مطالبهم المشروعة , و قد خاضوا في أيام إضراباتهم فترات عصيبة اشتدت عليهم فيها جميع وسائل التضييق و الترهيب , النفسية و المادية و المعنوية , فمن جهة فقد تحدوا قرار رئيس الحكومة الذي قضى بالاقتطاع من أجور المضربين , فقرروا التصعيد و التمديد متجاهلين ضخامة الاقتطاعات من أجورهم الهزيلة , صابرين على التزاماتهم الأسرية , مقررين رفع التحدي و إشهار العصيان في وجه بنكيران الذي وصمهم بوصم العاجز عن التحكم في مجرى الأمور حين نعتهم بالمتجولين . و من حهة أخرى فقد أبان هؤلاء الأساتذة المظلومون عن شجاعة و حمية حين التدخلات الأمنية التي طالتهم , فلم تأخذ من عزيمتهم شيئا , و يكفيهم فخرا أنهم كسبوا التعاطف الوطني و الدولي بعد هذه التدخلات التي كانت نقمة بين طياتها نعمة .
الآن هناك أصوات تتعالى تتهم الأساتذة باستعمال التلاميذ دروعا بشرية , أو أن الأساتذة المضربين انتهازيون يفكرون في مصالحهم و جيوبهم , أو أنهم خارجون عن القانون ما داموا يشقون عصا طاعة وزارتهم التي أقرت مباراة مهنية للترقية كما هو عهد جميع مباريات الترقية المهنية , أو يشوهون صورة رجل التربية ما دامت الأخبار التي وصلت إلى أصحابنا المنتقدين تفيد بأن هؤلاء الأساتذة يمشون حفاة و يعرقلون سير المواصلات , و يثيرون الضجيج و الغوغاء في شوارع الرباط , كما أن مستوياتهم المعرفية متدنية فكان لزاما إجبارهم على اجتياز هذه المباراة التي ستميز الغث من السمين .
أيا تكن مبررات أصحابنا للنيل من عزائم هؤلاء الأساتذة و تثبيطها , يجب في البدء الرد على فرية استغلال التلاميذ دروعا بشرية لتحقيق مآربنا الشخصية , فالقائلون بهذا لا يحسون بحجم الضرر اللاحق بالأساتذة المضربين , فقد تركوا عملهم كرها و غصبا , و لم يغادروا أقسامهم فحسب , بل والديهم و زوجاتهم و أبناءهم , و ستلحق بأجورهم الهزيلة اقتطاعات تقدر بأكثر من 140 درهما عن كل يوم إضراب خاضوه , و يتجشمون عناء البقاء في الرباط طوال هذه المدة , و جميع المغاربة يعلمون كلفة الإقامة في هذه المدينة , كما مورست عليهم جميع أساليب الاستبداد و القهر و الجلد , و يكفي أن يبقى عارا في جبين الحريات العامة و الحقوق الإنسانية و العدالة أن تعتقل أستاذتان , واحدة حامل و الثانية أم لطفلين تعاني مرض القلب بتهم التجمهر غير المرخص له , و إثارة الشغب و الفوضى في الشارع العام … فعرض حالتي المتهمتين كفيلتان ببيان سفه هذه الاتهامات الجائرة لكل ذي لب و حكمة . هذه الانتهاكات المادية هي بيان لكل وَسناَن غافل عما يعانيه هؤلاء الأساتذة العظام الذين لا يتجولون أو في عطلة مدفوعة الأجر , و إنما يكتوون ينار الحكومة التي تكوي ظهورهم الصلدة .
بعدما تأكدت وزارة التربية الوطنية أن المقاربة الأمنية فاشلة , سعت إلى الدخول في حرب نفسية بإعلانها قرارا ظالما و غير منطقي و لا قانوني , تمثل في سنها مسطرة الانقطاع عن العمل بحق هؤلاء الأساتذة , و رغم ذلك لم تفلح في غيها و ظلمها فما زالت ساحات الرباط نابضة بهؤلاء الأساتذة الذين لم تثنهم قرارات الوزارة و مخططاتها عن مواصلة المسيرة النضالية .
الآن يجب على أصحابنا الرجوع إلى جادة الصواب , و تفهم إضرابات هذه الفئة , فبقاء هؤلاء الأساتذة في أقسامهم خير لهم بكثير مما هم فيه الآن , لكن حين تنتزع حقوقهم ظلما و غصبا , فلن يرحمهم تاريخ النضال إن ظلوا صامتين غير متزحزحين , لذلك خرجوا و هبوا إلى الرباط لانتزاع حقوقهم المشروعة . إذن يجب على المطالبين بتحميل ضياع حقوق التلاميذ في الدراسة إلى الأساتذة توجيه سهام نقدهم إلى الحكومة و وزارة التربية الوطنية التي تلكأت عن إيجاد حل منصف و عادل لهذه الفئة المظلومة .
لمَ مثلا لم تتحرك جمعية آباء و أولياء التلاميذ لتأليب الرأي العام على وزارة التربية الوطنية , و عدم الاكتفاء بإصدار بيان تنديدي لا يسمن و لا يغني في شيء ؟ و لمَ لم تتحرك جمعيات المجتمع المدني لإزالة اللثام عن هذه القضية التي ما زال يجهل أسرارها كثيرون من أفراد مجتمعنا ؟ و لا ننسى النقابات الأكثر تمثيلية التي لم تقم بدورها التاريخي لحد الآن و اكتفت بالتفرج على كرامة الأستاذ مزدراة و مهانة .
ليعلم الجميع أن هؤلاء الأساتذة أشد حرقة و حرصا على تلاميذهم , و الدموع لا تفارق خدودهم ألما و حسرة على فراقهم , لكنهم جاؤوا لانتزاع حقوقهم , فكيف يقبل أي إنسان عاقل أن تعطى حقوق لمن قبله و لمن بعده و يستثنى هو , فطبيعته البشرية ستجعله يحس بالحكرة و الذل مما سيحتم عليه الثورة في وجه الظلم و التمييز و العنصرية .
في شكل نضالي جد راقي تقشعر له الأبدان حمل اللآلاف من الأساتذة المجازين والماستريين المقصيين من الترقية بالشواهد الشموع تعبيرا عن رفضهم التنازل عن مطالبهم المشروعة وهي الترقية المباشرة مع التعويض المالي والإداري كباقي الأفواج وكذلك الحق في تغيير الإطار لمن أراد ذلك.