السيسي: لن أدير ظهري لمصر
في أقوى إشارة على استعداده خوض الانتخابات الرئاسية في مصر، قال قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح السيسي إنه «لا يستطيع أن يدير ظهره لمصر»، في رده على مطالبات بترشحه للانتخابات الرئاسية، خلال ندوة تثقيفية نظمتها القوات المسلحة أمس تزامنا مع الاحتفال بالمولد النبوي الشريف. وشارك في الندوة قيادات من الجيش وسياسيون وفنانون.
ونقلت وسائل إعلام رسمية وخاصة على لسان السيسي ما قالت إنه «مطالبته بتفويض من الشعب والجيش لخوض المنافسة» التي ستجرى على الأرجح في أبريل (نيسان) المقبل، لكن عضو لجنة تعديل الدستور، محمد عبد العزيز، والذي حضر ندوة الجيش أمس قال لـ«الشرق الأوسط»: إن «الفريق أول السيسي لم يقل ذلك نصا وإن ما جرى تداوله في بعض وسائل الإعلام استنتاج من سياق الحديث».
وأضاف عبد العزيز، وهو أحد مؤسسي حملة تمرد، قائلا إن «تركيز السيسي كان منصبا على دعوة المصريين للتصويت في الاستفتاء، وحينما طلب منه بعض المشاركين الترشح للرئاسة، أكد أن هذا أمر بيد الله، وبدا من حديثه أنه يعي حجم الدعوات الشعبية المطالبة بترشحه كما بدا واضحا أيضا أنه يدرس الموقف من كافة جوانبه».
ودعا السيسي خلال الندوة التثقيفية المواطنين إلى المشاركة بـ«قوة» في الاستفتاء الذي تعول عليه السلطات الجديدة لإضفاء الشرعية الدستورية على ثورة 30 يونيو (حزيران)، التي أنهت عاما من حكم الرئيس السابق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان منتصف العام الماضي.
ويثق قطاع كبير من المصريين في الفريق أول السيسي. وسبق له أن طلب في يوليو (تموز) الماضي تنظيم مظاهرة حاشدة، لتفويضه بمواجهة ما سماه حينها «العنف والإرهاب المحتمل»، وهي الدعوة التي وجدت صدى كبيرا.
وقال موقع «بوابة الأهرام» على الإنترنت أمس إن السيسي شدد على أنه لا يسعى للسلطة، وأشارت إلى أن أصواتا من القاعة علت لتطالبه بالترشح للانتخابات الرئاسية، فرد قائد الجيش قائلا إنه لا أحد يستطيع أن يوجه الشعب و«إذا ترشحت فيجب أن يكون بطلب من الشعب وبتفويض من جيشي.. فنحن نعمل بديمقراطية»، لكن عبد العزيز قال إن ما نسب للسيسي «غير دقيق».
وتزايدت بشكل ملحوظ الدعوات لترشح السيسي في الانتخابات الرئاسية، ولم يعد مستغربا أن تعلن رموز ليبرالية دعمها لقائد الجيش، بعد أن كان موقفها الثابت رفض أن يتولى المنصب الرفيع مرشح من خلفية عسكرية.
وأضاف السيسي في الندوة التي عقدت في مسرح الجلاء (شرق القاهرة) أن ما يريده الله سيكون ومن له نصيب أن يجلس على كرسي الرئاسة سيجلس، وأشار إلى أنه لا يستطيع أن يدير ظهره لمصر، لافتا إلى أن القادم صعب ويحتاج إلى تكاتف الجميع واﻻصطفاف لبناء البلاد.
وقال محمود بدر مؤسس حركة تمرد على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، عقب انتهاء كلمة السيسي التي تناقلتها وسائل الإعلام: «أطلب أنا المواطن المصري محمود بدر من الفريق أول عبد الفتاح السيسي الترشح لرئاسة الجمهورية».
وتأسست خلال الفترة الماضية جماعات ضغط للمطالبة بترشح الفريق أول السيسي للانتخابات الرئاسية. وتقول تلك الجماعات إنها جمعت ملايين التوقيعات على هذا المطلب.
ويظهر السيسي من آن لآخر في مناسبات لها علاقة بالقوات المسلحة للحديث في شأن سياسي. وحضر الندوة التثقيفية أمس عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين لصياغة الدستور الجديد، فيما بدا إشارة على دعم القوات المسلحة للدستور.
وأضاف السيسي، وهو أيضا النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء أن «مصر على أعتاب مرحلة فارقة من تاريخها ينتظر نتائجها العالم لتنفيذ أولى خطوات خارطة المستقبل بعد ثورتين (في إشارة لثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، و30 يونيو) فريدتين أبهرتا العالم بسلميتيهما وطموحهما وبالعلاقة الوثيقة بين الشعب المصري وجيشه الوطني القوى الذي حمل أمانة الوطن طوال مراحل التاريخ».
وخص السيسي المرأة المصرية في حديثه قائلا: «إنني أتحدث إلى ابنتي وأختي وأمي.. خذي أوﻻدك وزوجك وانزلي علشان (من أجل) مصر»، كما وجه كلمة للشباب قائلا: «أعرف أنكم بذلتم الكثير ولم تأخذوا شيئا.. لكن مصر تحتاجكم»، لافتا إلى أن «الجهد السلبي المدمر المبذول لمدة ثلاث سنوات لإسقاط الدولة فشل بفضل الله وبفضل تكاتفكم».
ووضع قائد الجيش بالتوافق مع قوى سياسية ورموز دينية في الثالث من يوليو (تموز) خارطة للمستقبل تضمنت عزل مرسي، وتعيين رئيس المحكمة الدستورية رئيسا مؤقتا، وإجراء تعديلات على دستور هيمنت على كتابته قوى إسلامية، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
ودعا السيسي أبناء الشعب المصري لتحمل ما وصفه بـ«المسؤولية الوطنية»، والنزول والمشاركة بقوة في الاستفتاء على مشروع الدستور لتصحيح المسار الديمقراطي وبناء دولة ديمقراطية حديثة ترضي جميع المصريين.
ووجه كلمته الأخيرة للمصريين قائلا: «لا تحرجوني أمام العالم.. لست أنا، لكن الجيش، لأننا في الجيش على قلب رجل واحد ونتبع الديمقراطية والتخصص، والدستور الجديد ألزم الجيش بحماية إرادة الشعب، وسنحميها تحت أي ظرف».
وتخوض السلطات الجديدة المدعومة من الجيش معركة عض أصابع مع جماعة الإخوان التي تسعى لكسر ما تسميه «الانقلاب العسكري». ودعت جماعة الإخوان أنصارها إلى مقاطعة الاستفتاء على الدستور على أمل نزع الشرعية عنه.
في المقابل، يقول المراقبون والساسة في البلاد التي تعاني من الاضطرابات السياسية منذ ثلاث سنوات إن نسبة المشاركة في الاستفتاء ومروره بفارق يجاوز 75 في المائة من شأنه حرمان الإخوان مما يسمونه «الشرعية الدستورية» التي يستندون إليها في خطابهم السياسي.
وتخشى القوى السياسية الداعمة لعزل مرسي من تأثير محتمل للمواجهات العنيفة بين أنصار الإخوان وقوات الأمن على نسبة المشاركة في الاستفتاء، كما يخشى أيضا من عمليات إرهابية تقوم بها قوى إسلامية متشددة مدت نطاق عملها من سيناء إلى دلتا النيل.
وطالب السيسي في كلمته أمس رجال القوات المسلحة بـ«اليقظة الكاملة واتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة لحماية المواطنين وتهيئة المناخ الآمن لهم للتعبير عن آرائهم بحرية كاملة خلال عملية الاستفتاء».