﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدً ﴾
قال الله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدً ﴾ [ البقرة:143] .
جاء فى صِفَةِ نبِّينا – صلى الله عليه وسلم- أَنَّه كان من أوْسَطِ قَوْمِه أيْ خِيارهم، وقد جعلَ اللهُ أُمَّته وسَطاً أي خِياراً.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ ( هَاتِ الْقُطْ لِي ) فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِي يَدِهِ قَالَ: ( أَمْثَالِ هَؤُلاَءِ وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ).
وقال تعالى: ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾ [ الأنعام:31] .
وقد نهى اللهُ تعالى عن طاعةِ هؤلاءِ وأمر بمخالفتهم فقال تعالى:﴿ وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطً ﴾ [ الكهف:] .
قال تعالى: ﴿ سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطً ﴾[ البقرة142 : 143] .
فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَخَطَّ خَطًّا وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْخَطِّ الأَوْسَطِ فَقَالَ:( هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ) ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآَيَةَ ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [ الأنعام153] .
قال تعالى: ﴿ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [ الإسراء:29] ،
وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾[ الفرقان:67]
وقال تعالى: ﴿ يَا بَنِي ءَادَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾[ الأعراف:31]
وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾ [ المائدة87،88 ]
وقال تعالى: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [ الأعراف: 55]
وقال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآَصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [ الأعراف:205]
وقال تعالى: ﴿ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ﴾ [ الإسراء:110]
وقال تعالى: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ﴾[ الأنبياء:90 ]
عَنْ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ ذَاتَ يَوْمٍ لِحَاجَةٍ فَإِذَا أَنَا بِالنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم- يَمْشِي بَيْنَ يَدَيَّ فَأَخَذَ بِيَدِي فَانْطَلَقْنَا نَمْشِي جَمِيعًا فَإِذَا نَحْنُ بَيْنَ أَيْدِينَا بِرَجُلٍ يُصَلِّي يُكْثِرُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَقَالَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم : ( أَتُرَاهُ يُرَائِي؟ فَقُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَتَرَكَ يَدِي مِنْ يَدِهِ ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يُصَوِّبُهُمَا وَيَرْفَعُهُمَا وَيَقُولُ: عَلَيْكُمْ هَدْيًا قَاصِدًا عَلَيْكُمْ هَدْيًا قَاصِدًا عَلَيْكُمْ هَدْيًا قَاصِدًا فَإِنَّهُ مَنْ يُشَادَّ هَذَا الدِّينَ يَغْلِبْهُ).
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: ذُكرَ لِرَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم : يَجْتَهِدُون في العِبَادَةِ اجْتِهَادًا شديدًا فقال: ( تِلْكَ ضَرَاوَةُ الإسْلامِ وشِرَّتُه، ولِكُلِّ ضَراوَةٍ شِرَّة، ولِكُلِّ شِرَّة فَتْرة، فمن كَانَتْ فَتْرتُه إلى اقْتِصَاٍد وسُنَّة فلام ما هو، ومَنْ كانَتْ فَتْرَتُهُ إلى المَعاصِي فَذَلِكَ الهَالِك).
وعَنْ مِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: ( مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاَتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لاَ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِه).
وعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: « كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَتْ صَلاَتُهُ قَصْدًا وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا».
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رَضِي اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- إِلَيْهِمْ فَقَالَ: ( أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أُرَاهُ رَفَعَهُ قَالَ: ( أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْمًا مَا ).
عَنْ حُمَيْدٍ الْحِمْيَرِيِّ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: لَقِيتُ رَجُلاً صَحِبَ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- كَمَا صَحِبَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَمْتَشِطَ أَحَدُنَا كُلَّ يَوْمٍ أَوْ يَبُولَ فِي مُغْتَسَلِهِ).
وعن ابْنِ مَسْعُودِ قال: ( الاقْتِصَادُ في السنَّة خيرٌ من الاجْتهادِ في البِدْعة).
وعن أُبيِّ بن كعبِ قال: ( عَليْكُم بالسَّبيل والسُّنة، فإِنَّه ليسَ مِنْ عبدٍ على سبيلٍ وسُنَّةٍ ذكَر الرَّحمن ففاضَتْ عَيناهُ من خَشْيَةِ الله فَتمسَّه النار، وإِنَّ اقتِصَاداً في سبيلٍ وسُنَّة خيرٌ من اجتهادٍ في إضلال).
وقال الامام ابنُ القيِّم: « مِنْ كَيْدِ الشَّيطانِ العَجيبِ أَنَّه يُشامِ النَّفسَ حتَّى يعلَمِ أيَّ القوَّتيْن تَغْلِبُ علَيْها: أقوَّةُ الإقْدام أم قُوَّةُ الانْكِفَاف والإحْجام والمهَانة، وقد اقتطَع أكثرُ النَّاس إِلاَّ أقلَّ القليل في هذيْن الوادييْن: وادِي التَّقصير ووادِي المُجَاوَزةِ والتَّعدي، والقليلُ منهم جداً الثَّابِتُ على الصِّراط الذي كان عليهِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو الوسَط ».