واشنطن- في ظلّ ما تشهده منطقة المغرب العربي والساحل الأفريقي من اضطرابات وعنف، تواترت هذه الأيّام تأكيدات شخصيّات ومجموعات تفكير أميركيّة على «استثنائية» النموذج المغربي، واصفة إياه بـ”ملاذ الاستقرار” في بحر تتلاطم فيه أمواج الإرهاب والفوضى وأجواء عدم اليقين…أكدت دراسة أنجزها “سوفان غروب”، المجموعة الأميركية ذات الصيت الدولي المتخصّصة في الدراسات الذكية والاستكشافات الجيو-استراتيجية، أنّ المغرب يشكّل “حالة استثنائية” في سياق إقليمي يسوده العنف وأجواء عدم اليقين التي عقبت الربيع العربي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.وأبرزت الدراسة، التي أنجزت بتعاون مع مركز أفريقيا التابع لمجموعة التفكير الأميركية “أطلانتيك كاونسيل”، أن المملكة المغربية بدت ملاذا للاستقرار ونموذجا يُحتذى في منطقة المغرب العربي والساحل الأفريقي.ولاحظت أنّه “في الوقت الذي لم تتجاوز فيه البلدان المجاورة للمملكة انعكاسات الربيع العربي، أقدم المغرب على تسريع وتيرة الإصلاحات غير مسبوقة.. بما في ذلك حماية حقوق المهاجرين”.يُذكر أنّ السلطات المغربية شرعت، الأسبوع الماضي، في تسوية أوضاع ما يفوق عن 25 ألف مهاجر أفريقي، وذلك تنفيذا لتوجيهات الملك محمد السادس الذي أوصى في نوفمبر 2013 باعتماد “مقاربة إنسانية” في تسوية ملف الهجرة واللجوء في نطاق السياسة المغربية الجديدة للهجرة.وقد تمّ افتتاح مكاتب خاصة بتسوية وضعية الأجانب في كافة أقاليم المملكة لاستقبال طلبات المهاجرين المقيمين في البلاد بصفة غير قانونية. كما أشارت الدراسة الأميركيّة إلى أنّ مثل هذه الإصلاحات وغيرها جعلت المغرب نموذجا جهويا يحتذى، مُبرزة الدور الذي يضطلع به المغرب على مستوى مواجهة التهديدات الإرهابية للأمن الإقليمي، ومُضيفة أنّ المملكة وضعت “استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب، أشادت بها الخارجية الأميركية في تقريرها السنوي حول الإرهاب”.وجاء في الدراسة أيضا أنّ “الدبلوماسية الأميركيّة أكّدت أنّ المملكة واصلت تفعيل الإصلاحات الداخلية بهدف تحسين العوامل السوسيو-اقتصادية التي يستغلها التطرّف الديني”، مشيرة في هذا المضمار إلى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وتأهيل الحقل الديني. وفي السياق ذاته، أبرزت الدراسة أنّ البيان المشترك للولايات المتحدة والمغرب، الذي توّج لقاء القمة بين الملك محمد السادس والرئيس أوباما في البيت الأبيض، أشاد بجهود المغرب الرامية إلى مواجهة التهديد الإرهابي بالمنطقة، مبرزا التعاون القائم بين الرباط وواشنطن على المستويين المدني والعسكري، ومن أجل تعزيز المصالح المشتركة والحوار بين الأديان.وبعد أن أبرزت إيجابيات ومزايا مبادرة الحكم الذاتي بالصحراء، تحت السيادة المغربية، أشارت الدراسة إلى الإسهامات المهمّة للمغرب من أجل تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي لاسيما في مالي، مذكرة بزيارة العاهل المغربي إلى مالي بمناسبة تنصيب الرئيس المالي الجديد إبراهيم بوبكار كيتا، وكذا بالمبادرات المغربية المتصلة بمساعدة مالي على مواجهة التطرف الديني من خلال تكوين 500 إمام ودعم التنمية البشرية بهذا البلد في مجالات عديدة.وخلصت الدراسة إلى أنّ من شأن هذه المبادرات أن “تعزّز دور المغرب باعتباره بلدا ديمقراطيا رائدا في شمال إفريقيا والمنطقة من خلال الاستقرار الذي يتمتع به وبفضل قدرات المملكة على مواجهة مختلف التحديات التي تواجهها”. من جانبه، أكد يوناه ألكسندر، العضو البارز بمجموعة التفكير الأميركية “بوتوماك إنستيتيوت”، أنّ “التحالف والشراكة القائمة بين الولايات المتحدة والمغرب تعزّزت بشكل أكبر من أيّ وقت مضى، وذلك بالنظر إلى الاضطرابات وأجواء عدم اليقين التي تسود منطقة الساحل والصحراء والشرق الأوسط وكذا العديد من بؤر التوتر بأفريقيا”.ولاحظ ألكسندر، الذي يشغل أيضا منصب مدير المركز الدولي للدراسات حول الإرهاب، أنّ المغرب يمثل من منظور أمريكي بلا ريب ملاذا للاستقرار، حيث أنّ البلدين يتقاسمان رؤية ومصالح مشتركة يعزّزهما تاريخهما العريق، وينهجان الفلسفة ذاتها التي تقوم على تعزيز حقوق الإنسان والحريات المدنية، والمشاركة السياسية المندمجة”.كما أوضح أنّ الرئيس الأميركي أكد “بكل وضوح”، خلال محادثاته الرسمية الأخيرة مع الملك محمد السادس، أنّ المقترح المغربي بمنح حكم ذاتي موسّع للصحراء “جدّي وواقعي وذو مصداقية، ويمثل مقاربة جوهرية يمكن أن تلبّي طموحات سكّان الصحراء في تدبير شؤونهم الذاتية في سلام وكرامة”. |
||||
باب ما جاء في أن بوحمارة كان عميلا لفرنسا الإستعمارية..* لحسن العسبي
يحتاج التاريخ دوما لإعادة تحيين، كونه مادة لإنتاج المعنى انطلاقا من “الواقعة التاريخ…