نقلت وسائل الإعلام مقطعا من تصريح لوزير الاتصال أخبر فيه، في جملة قصيرة، أن النيابة العامة تنظر في «موضوع الجدل الفقهي» الدائر حاليا، وهو يقصد تصريحات أحد التكفيريين التي أثارت الكثير من ردود الفعل إلا من الحكومة. ونحن لا يسعنا إلا أن نقول:
«عليه العَوَض»! التحق الخلف بالسلف من الإخوان في تزييف الوقائع، وجعلِ الأبيضِ أسودَ والأسودِ أبيضَ! «استوى الماءُ والخشبةُ» مادةً لا معيةً، استوى الحي والمَوات! قال التكفيري: لشكر وبن بركة والجابري وعصيد كفار، ونساء الاتحاد عاهرات …إلى آخر المعجم، وقال الوزير الخلفي «الإخواني»: هذا جدل فقهي تنظر فيه النيابة العامة! وهكذا التقى الذقن الحليق باللحية المصبوغة بشتى الألوان!
«عليْه العَوَض»! لقد كنا نعتقد أن جيلا شابا عقلانيا بدأ يتكون وسط الإخوان، جيلا متميزا عن الشيوخ الميكيافيليين الذين جنوا أشواك التآمر والغدر على مدى ثمانين سنة، كنا نعتقد أن هذا الجيل الذي احتك بأجواء الوطنية المغربية والمعرفة الفلسفية والإنسانية لن يكون نسخةً طبق الأصل لجيل عبد الكريم الخطيب وعبد الكريم مطيع ومن نشأ في حضنيهما، ولكن لا فائدة، فهم يرضعون من ثدي واحد.
لقد أسأتَ أيها الناطق باسم الحكومة لأطراف متعددة: أسأت للفقة والفقهاء (أسأت لأبي حنيفة النعمان، وابن رشد والشاطبي…وأبي علي اليوسي) حين جعلتَ القذفَ والتكفيرَ وباقي معجم بذاءات التكفيريين الخوارج منهجا في الجدل الفقهي، وأسأت للحكومة التي كنت تنطق باسمها. ونحن ننتظر من مكوناتها أن تعلن عن موقفها من هذا المنهج الفقهي الذي تؤصله باسمها مع التكفيريين في مغرب القرن 21، خاصة رِفاقنا الحداثيين اشتراكيين وليبراليين، وأسأت إلى صورة المغرب حين اعتبرت لغةَ الخوارج الدموية منهجا يدبر به المغاربة قضاياهم.
إن تستر «الإخوان» على التكفيريين والسعي لتمكينهم في بعض المواقع الاجتماعية، مقابلَ قيامهم ببعض المهام الخاصة في اللحظة المناسبة (تمتد من الترهيب إلى الاغتيال، فضلا عن توفير قاعدة انتخابية) أمورٌ خبرناه وحفظناها من سلوك الإخوان في مصر على مدى أكثر من نصف قرن، وهي الوضعية التي تتفجر اليوم في ذلك القطر.
وأخيرا، ألم تسأل نفسك: ما علاقة النيابة العامة بالجدل الفقهي؟ النيابة العامة لا علاقة لها بالجدل الفقهي! الجدل الفقهي يدور بين كبار العلماء، له تقنيات وآداب. وأبعد الناس عن المناظرة والجدل الخوارج الذين تتستر على جريمتهم بمثل هذا التدليس الذي يشمئز منه الذوق السليم.