الادارة التربوية: الادارة التربوية الى اين تسير؟
” سقطت الادارة علقوا المدير”
“طاحت الادارة التربوية علقوا المدير”
بقلم محمد طمطم
الادارة التربوية هي من احدث الادارات لكنها الاخطر على الاطلاق لأن ادارة التربية هي ادارة تتجه الى تفعيل الموارد البشرية عبر اجيال من المواطنين واعدادهم للمستقبل وهذا ما يجعل بعض البلدان الاوروبية تتجه الى تأسيس معاهد وعلوم متخصصة في ميدان الادارة التربوية استجابة منها لدواعي الحداثة والتقدم، وظل المغرب في منأى عن ايلاء الاهمية للتكوين الاداري التربوي، مما جعلنا نرث ادارة تربوية واهنة عاجزة خاملة مريضة متقاعدة او محالة على التقاعد، ومن صور هذا المرض الاداري التربوي :
ـ تغييب التكوين بشقيه الاساسي والمستمر وحوافزهما.
ـ غياب قانون منظم للسلط التربوية بين اطر الادارة التربوية.
ـ غياب تصور حداثي قانوني حقوقي يكرس التدبير التشاركي بين مكونات الادارة التربوية.
إنه لايمكن الحديث عن ادارة تربوية حديثة في غياب تجديد جذري للقانون التنظيمي او الاداري للادارة التربوية، وهذا الجانب هو الذي جعل ادارتنا التربوية تعيش حالة من الفوضى او العبثية، فقد تجد ادارة تربوية متجانسة متفاعلة مع محيطها ومتجاوبة مع شركائها بشكل ايجابي يؤثر على الفاعلين والمستهدفين داخل المؤسسة التربوية، وقد تجد ادارة تربوية تحكمها نزعة تحكمية فردانية لايمكن ان يسمع فيها الاصوت واحد هو صوت المسؤول الاول ، في غياب اصوات الاطر الادارية الاخرى او اطر التربية او شركاء المؤسسة، كما قد نجد ادارة تربوية متقادمة تسير على نهج “السلف الاداري بالصالح منه او الطالح” فتجتر وتكر ر التجارب السابقة في غياب المتابعة او المحاسبة مما يعزز اوضاعا كارثية تؤدي الى نتائج عكسية، لذا فأي إصلاح يجب عليه ان يبدأ من الادارة التربوية لآنها الجهاز الوحيد الذي يوصل وينفذ وينزل لكل القرارات والمقررات والبرامج التربوية بشتى انواعها وتفاصيلها، من هاته الزاوية يمكن ان نفهم ان غياب ادارة منسجمة ومتفاعلة مع محيطها لايمكن الا ان يسبب في مزيد من الكوارث التربوية، ان الاسلوب الافقي في التسيير والتدبير للشأن التربوي يجعل المدرسين المكلفين بالادارة التربوية حراسا وحماة للنصوص والتعليمات المركزية فلا يستطيعون ان يتصرفوا كقوة مصححة ومعالجة من موقع مسؤوليتهم وتكوينهم المعرفي والتربوي .. لايستطيعون معالجة اي خلل من الاختلالات الكبرى التي تعتري الشان التربوي محتمين للتطبيق الجاف للاجراءات التطبيقية والقانونية في وجهها السلبي ، فهذا مدير يرجع مسؤولية فشله في تدبير الشان التربوي الى الناظر وهذا الاخير ينزل المسؤولية الى الحارس العام وهذا الاخير كذلك يتضرع بكونه لايتحرك الاباشارة من رئيس المؤسسة فيدور المشكل ويتحرك في دائرة مغلقة، هذا يكيل التقصير الى ذاك وذاك يرجع المسؤولية الى الذي هناك (المسؤول الاول) فيحصل الاضطراب والاصطدام بين مكونات الادارة التربوية فتعود النتائج عكسية بل هناك من يزيد في تطبيق “سياسة فرق تسد” او استعمال القانون في جزئياته واغفاله في جوهره وروحه.
ان الادارة التربوية ليست محتاجة الى مسؤولين ،مدرين، او نظار، او حراس عامين، ينزوون في مكاتبهم او يتلاعبون بفارة الحاسوب، بقدر ما تحتاج الادارة التربوية الى طاقات وموارد بشرية مؤهلة معرفيا، وفكريا، واجتماعيا، ونفسيا ،وسياسيا ،ونقابيا، نظرا لحساسية مسؤوليتها في تدبير شان اجتماعي خطير ،يتعامل مع شركاء من خارج المؤسسة ،جمعيات ومنظمات، ويتواصل مع ادارات واجهزة ادارية تربوية ،نيابات ،واكاديميات ووزارات، ،ويتعايش يوميا مع الاساتذة والتلاميذ ،وينكب في كل لحظة لتدبير وحل معضلات الشان التربوي اليومي ،فهل يقدر رئيس المؤسسة على كل هاته المسؤوليات والتدابير اليومية وغير اليومية ،اذا لم يكن محاطا بجهاز اداري مؤهل ومسؤول ويحس بثقل المسؤولية وهذا ما لانراه اليوم في مؤسساتنا التربوية…تجد المدير يقف امام الباب لادخال واستقبال التلاميذ كل صباح ومساء، ويقفل الباب الرئيسي بعد ان يطوف ويتطوف عبر كل جنبات المؤسسة ليراقب او يتتبع اي شيء يمكن ان يقع في مرافق المؤسسة، القاعات، الساحات ، المرافق الصحية، اجنحة المؤسسة، فضاء التربية البدنية.
ـ المدير هو المسؤول على توفير وحماية كل التجهيزات داخل المؤسسة ومراقبة شبكات الانارة والماء الصالح للشرب والاجهزة البيداغوجية والمقاعد والطاولات والادوات المستعملة في المختبرات ومواد التجارب,,
ـ المدير هو الذي يتصل مع الاباء والامهات ،ومع الوقاية المدنية في الحواضر، ومع سيارات الاسعاف ،ومع الامن، والدرك، والسلطة المحلية، وهو المسؤول عن كل ما يقع في مؤسسته ويساءل لوحده.
ـ المدير هو من يشرف على كل المجالس ويحرر تقاريرها وينفذ كل مايصدر عن هاته المجالس من قرارات وهو الذي يساءل عنهالوحده.
ـ المدير هو من يقوم بارسال البريد واستقباله وهو من يقوم بالاحصاء والمسك وتعبئة الوثائق والبطاقات وهو الذي يساءل لوحده..
ـ المدير هو من يشرف على جميع الانشطة في المؤسسة ويوفر لها شروط النجاح.
فأين البقية من الناظر و الحارس العام ،واين مسؤوليتهما ؟حينما يفشل هذا المدير او يسقط في اخطاء او يعجز عن تنفيذ كل هاته البرامج والانشطة، فهل تعلم انه مثلا حينما تحدث حادثة مدرسية او رياضية، المدير هو من يسأل عنها وليس الاستاذ او الناظر او الحارس العام؟ هل تعلم ان اي تخريب يقع داخل القاعة ولو اثناء استغلالها يكون المدير هو المسؤول على تتبع ما يقع واصلاح اضرارها او تجهيزها ، والا يتمرد الاستاذ، ويتراجع الحارس العام، ويصمت الناظر؟ هل تعلم ان الدخول الى المؤسسة واغلاق الباب الرئيسي من مسؤولية المدير اذا لم يلتزم بالنظام الداخلي باغلاق الباب قبل اوبعد خمس دقائق حتى وان كان هذا المدير في رخصة او عطلة او راحة اسبوعية فهو المسؤول عن ذلك الخلل ويساءل من طرف النائب او غيره بذلك.
هل تعلم ان اية وثيقة او بطاقة يدونها الاستاذ وتحمل اخطاء تتعلق بترقية او وضعيته الادارية يساءل عنها المدير ولايساءل عنها الناظر او الاستاذ؟ هل تعلم ان معالجة الغياب واستقبال الاباء وما يحصل في ذلك من مشاكل تعود فيها المسؤولية للمدير وليس الحارس العام؟ هل تعلم ان المدير هو المسؤول عن استعمالات الزمن وتنزيلها وان كانت لاتتوفر فيها كل الشروط التربوية والتي تنجز من طرف الناظر ،الا ان الاستفسار والاستنكار لايوضع في اسم الناظر او في اسم غيره وانما في اسم المدير؟ هل تعلم ان المدير يساءل عن الملفات المدرسية التي تبعث او تاتي الى المؤسسة وهي ناقصة من وثائق كثيرة لم يدونها الحارس العام في المؤسسة المستقبلة او المؤسسة الاصلية ؟غير ان المراسلة لاتوجه مباشرة الى الحارس العام تحت اشراف المدير وانما يستفسر المدير وحده في ملفات توضع رهن اشارة الحارس العام؟ هل تعلم ان برنامج “مسار” الذي كله يبنى على اساس تدوين هوية التلميذ ومساره الدراسي وهي من مسؤولية الحارس العام الاانه لاتفتح بوابة ولاتعالج معطياته وبياناته الاباسم المدير وكانه يؤشر على ما سلمه الحارس العام بودن ان يحاسب على هاته المعطيات.
لقد وصلنا الى عمق المشكل وهي ان الادارة تحاسب راسا ولاتحاسب جهازا، فالادارة التربوية اليوم تخلى فيها الحراس العامون والنظار من مسؤولياتهم ورموها على المدير لانه الوحيد الذي يساءل عن كل ما يجري داخل المؤسسة او كل مايربطها بباقي المؤسسات الاخرى واذا استعرضنا تنظيم الامتحانات فذاك شيء اخطر،فا لناظر لايتكفل بمسؤولياته ولايحضر الا متحانات، اما الحراس العامون فلا يكتفون الا بالدوران في الساحة لتسجيل الغياب لاغير، المدير يتلقى الموضوعات ويحرسها ويوزعها ويسهر على باب المؤسسة ويغلقه، ويتتبع الغش ويستقبل الشكايات، ويوفر الجو العام للامتحان ،ويشرف على القاعات وتوزيع الاساتذة وهو الوحيد الذي يتم ارسال رسالة تكليف باسمه فقط دون غيره، وهذا خطأ كبير قد يدفع بالمديرين الى الاعتذار الجماعي اذا لم تكن العملية مشتركة يتحمل فيها الجميع مسؤوليته بشكل متساوي ومتوازن اضف الى ذلك الكثير من الاثقال والمسؤوليات الكثيرة والتي يتحملها المدير لوحده ويتنصل الباقي من مسؤولياته في غياب نصوص قانونية تحدد مسؤولية كل طرف داخل جهاز الادارة التربوية وبالتدرج والتساوي اذن في غياب هذا القانون المنظم لادوار الادارة التربوية لايمكن الا الاستمرار في العبث الاداري او المرض الاداري او التسيب الاداري؟
—