بعض خلاصات ماجاء في مصدر من مصادر الشريع الاسلامي .. الاجــــمـــاع
بقلم مصطفى المتوكل / تارودانت
9 يناير 2014
من مصادر التشريع الاسلامي ..الكتاب والسنة والاجماع والقياس و…وما يهمنا في هذه الخلاصات هو موضوع الاجماع الذي يحتاج من المختصين ان يتناولوه من حيث التاصيل الزماني والمكاني في علاقته بالنصوص القطعية العامة والخاصة من الكتاب والسنة وفي علاقته بالحاجة الملحة اليه عبر الازمنة والامكنة في عصور التابعين وتابعي التابعين ومن تبعهم الى يوم الدين من العلماء والفقهاء المسلمين وذوي الاختصاص واعلم في مختلف العلوم بخصوص تاسيس قضايا اجماعية او تدقيق اخرى او تفصيلها اوملاءمتها دون التعارض مع التوابث ..
فبقراءتنا لخلاصات القاعدة بهذه المقالة او بما يكتب حولها وما يطرحه الفقهاء والمذاهب والاصوليون.. يمكن لنا ان نقف على جملة من المعطيات التي ليس هنا المجال لنبسطها جميعا ..بل فقط لنستحضرها ونستانس بها حتى نعمل جميعا كل من موقعه على خدمة الاهداف النبيلة التي وضعها الدين الاسلامي وناضل كافح من اجلها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مستعملا الاقناع والتبسيط و الحوار بالتي هي احسن والتدرج العقلاني في تغيير المناكر والظلم والضلال الذي كان يعم الجزيرة العربية والعديد من المناطق …ان الفهم الشرعي والعقلي لدلالات وابعاد قاعدة الاجماع ستفتح امام امتنا الاسلامية فضاء رحبا يقرب الناس اكثر لروح النصوص وحكمة الاسلام وثوريته …
فالإجماع يرد في اللغة بثلاث معان ..1– العزم على الشيء، والتصميم علية:
ومنه قولهم: (أجمع فلان على كذا): إذا عزم عليه. ومنه قوله تعالى: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ} [يونس:71]، أي: اعزموا. وبقوله -عليه السلام-: «مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ قَبْلَ الفَجْرِ، فَلاَ صِيَامَ لَهُ».. ويجمع، أي: يعزم. وبهذا بوّب الترمذي في [سننه]..
2- وبمعنى تجميع المتفرق: ومنه قوله تعالى: { يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ} [التغابن:9].
3- و بمعنى الاتفاق: ومنه قولهم: (أجمع القوم على كذا): إذا اتفقوا عليه، ويقال: (هذا أمر مجمع عليه)، أي: متفق عليه.
وفي الحقيقة المعاني كلها تعود إلى معنى الاتفاق، وقد اختلف في دلالة الإجماع على العزم، والاتفاق، هل هو من باب الاشتراك اللفظي؟ أو أنه حقيقة في الاتفاق مجاز في العزم؟ أو حقيقة في العزم مجاز في الاتفاق؟.. ثلاثة أقوال.
والإجماع، اصطلاحاً: اختلفت عبارات الأصوليين في تعريفه، والسبب في هذا يعود إلى أمور:
الأول: الخلاف في تحديد المجمعين.
فالبعض يرى:
(أ) أنه خاص بأهل الحل والعقد من المجتهدين.
(ب) والبعض الآخر: يجعله عاماً؛ فيدخل فيه جميع الأمة من العوام، وغيرهم..
فمن يخصه بالمجتهدين يعبر بقوله: (اتفاق المجتهدين). ومن يدخل العوام يعبر بقوله: (اتفاق الأمة).
..ويخلص بعض الباحثين إلي تعريف الإجماع بانه : “اتفاق أمة محمد صلي الله عليه وسلم خاصة، بعد وفاته، علي أمرٍ من الأمور الدينية”..
*ومن هنا نجد مدلول كلمة الإجماع عند الامام مالك قد حدده في قوله: “وما كان فيه الأمر المجتمع عليه فهو ما اجتمع عليه أهل الفقه والعلم ولم يختلفوا فيه…”
قال ابن القصار: “مذهب مالك رحمه الله وغيره من الفقهاء: أن إجماع الأعصار حجة”
*والإجماع عند الشافعي هو اتفاق المجتهدين. وهذا الاتفاق يكشف الحكم ولا ينشئه. لأن الإجماع ليس كتابا ولا سنة، ولذا فلا يمكن له إنتاج شرع جديد، بل إنما ينكشف الصحيح للمجتهدين..
*كما روى أحمد بن حنبل في مسنده، قال: حدثنا أبو اليمان، حدثنا ابن عياش، عن البختري بن عبيد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي ذر، عن النبي -، أنّه قال: «إثنان خيرٌ من واحد، وثلاثة خير من اثنين، وأربعة خير من ثلاثة، فعليكم بالجماعة؛ فإنّ الله عزّ وجلّ لن يجمع أمتي إلاّ على هدى»
و سئل ابن تيمية عن الاجماع فاجاب :(( أَنْ تَجْتَمِعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى حُكْمٍ مِنْ الْأَحْكَامِ . وَإِذَا ثَبَتَ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى حُكْمٍ مِنْ الْأَحْكَامِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ إجْمَاعِهِمْ ؛ فَإِنَّ الْأُمَّةَ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ…))
…واختلف الأصوليون في تعريف الإجماع اصطلاحاً تبعاً لاختلافهم في كثير من مسائل الإجماع المتعلقة بأركانه وشروطه وأحكامه.
والتعريف المختار أن الإجماع هو: اتفاق مجتهدي الأمة، بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم في عصر على أي أمر كان..
…فالاتفاق معناه: الاشتراك في الرأي أو الاعتقاد، سواء دلّ عليه الجميع بأقوالهم جميعاً، أم بأفعالهم جميعاً، أم بقول بعضهم وفعل بعض، وهذا كله يسمى بالإجماع الصريح، أم بقول بعض أو فعله مع سكوت بعض آخر، وهذا يسمى بالإجماع السكوتي، وبهذا يكون التعريف شاملاً لقسمي الإجماع: الصريح والسكوتي.
…أما بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فيخرج به اتفاقهم في حياته، فإنه لا عبرة به، قال الآمدي: وإجماع الموجودين في زمن الوحي ليس بحجة في زمن الوحي بالإجماع، وإنما يكون حجة بعد النبي صلى الله عليه وسلم. الإحكام للآمدي
و الإجماع على أربعة أقسام هي:
الاول. إجماع الصحابة رضي الله عنهم على حكم ما نصاً.
الثاني. إجماعهم بنص البعض وسكوت الباقين عن الردوهو بمنزلة المتواتر.
الثالث. إجماع من جاء بعدهم فيما لم يوجد فيه قول السلف.وهو بمثابة المشهور
الرابع.الإجماع على أحد أقوال السلف.وهو بمنزلة الصحيح من الآحاد.
نشير هنا الى انه حصل الإجماع في عهد الصحابة رضوان الله عليهم على كثير من الأحكام منها:
– إجماعهم علي خلافة أبي بكر رضي الله عنه بعد التحاق الرسول عليه الصلاة والسلام بالرفيق الاعلى
– إجماعهم على جمع القرآن الكريم في مصحف واحد.
-كما أجمعوا على تقديم دين الميت على وصيته من التركة قبل قسمتها . حيث قال ابن كثير في تفسيره:بان العلماء سلفًا وخلفًا اجمعوا على أن الدَّيْن مقدم على الوصية..
وقال أبوبكر الجصاص: وروي عن الحارث عن علي قال: (تقرءون الوصية قبل الدين، وإن محمدا صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية). وقال: وهذا لا خلاف فيه بين المسلمين(
– إجماع الصحابة علي ميراث الجدات فعن قبيصة بن ذؤيب أنه قال جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها فقال: ما لَكِ في كتاب الله تعالى شيء، وما علمت لك في سنة نبي الله صلى الله عليه وسلم شيئًا، فارجعي حتى أسأل الناس فسأل الناس. فقال المغيرة بن شعبة : حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس. فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة، فقال مثل ما قال المغيرة بن شعبة. فأنفذه لها أبو بكر ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – تسأله ميراثها. فقال: ما لك في كتاب الله تعالى شيء، وما كان القضاء الذي قضي به إلا لغيرك، وما أنا بزائد في الفرائض؛ ولكن هو ذلك السدس، فإن اجتمعتما فيه فهو بينكما وأيتكما خلت به فهو لها.
-إجماع الصحابة رضي الله عنهم على حد شارب الخمر بجلده ثمانين جلدة، فقد قاسوا شرب الخمر على القذف، وهو الاتهام بالزنا من غير بينة.
عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد شرب الخمر فجلدته بجريدتين نحو أربعين. قال: وفعله أبو بكر، فلما كان عمر استشار الناس فقال عبدالرحمن: أخف الحدود ثمانين، فأمر به عمر.
الإجماع ممكن في نفسه، وليس في العقل ما يمنع من وقوعه أو يحيله، ولا عبرة بمخالفة النظَّام في إمكان انعقاده عادة ….
ويمكن أن يتصور ذلك في كل عصر ، بأن يرسل الخليفة إلى المجتهدين في عصره ، ويجمعهم في مكان واحد ، ويعرض عليهم الوقائع
والحوادث ، ليدلوا فيها باجتهاداتهم ،وقد تتفق كلمتهم على الحكم ، فيكون الإجماع .
اما ما يعتبر من الشروط في صحة الإجماع وما لا يعتبرفندرج …
1 – أن يكون المجمعون من المجتهدين، فلا عبرة بوفاق العوام ولا بخلافهم
2 – أن يكون المجمعون من المسلمين
3 – أن يكون الإجماع بعد عصر رسول الله .
4 – اتفاق جميع المجتهدين
وعن مذاهب الأصوليين في الإجماع، فيذكر منها بان.. “الإجماع محصور فيما عُلم من الدين بالضرورة”، ومن أبرز القائلين به: ابن حزم، وأحمد
..و”الإجماع”، وهو اتفاق أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أمر من الأمور الدينية؛ ومن أبرز القائلين به: أبو بكر الأشعري، والإمام الغزالي.. وقيل بان “الإجماع مخصوص بالصحابة فقط”، ومن أبرز القائلين به: داود الظاهري، وأحمد بن حنبل، وابن تيمية… بينما “الإجماع باتفاق العلماء في عصر من العصور”، فهو الذي ذهب إليه جماهير الأصوليين قديماً وحديثا، مع اختلافهم في المجمع عليه. وفيما يتعلق بمذهب الإمام الشافعي، فيقول بن حسن: تواترت النصوص عن الشافعي، بما يفيد حجية الإجماع عنده، وتنقسم تلك النصوص إلي نصوص دالة علي حجية الإجماع بالأصالة، ونصوص دالة علي حجيته بالتبع؛ حيث يؤخذ منه الحلال والحرام، ويؤكد ثبوت النسخ، ويخصص به العام، ويحتج به علي حجية خبر الواحد، ويستدل به علي المسائل الفقهية التفصيلية. ….
وسنسرد بهذا المقال أدلة المثبتين والنافين لحجية الإجماع..
أدلة المثبتين:
استدل القائلون بأن الإجماع حجة مطلقاً لا فرق بين عصر وعصر، وهو ما ذهب إليه جمهور العلماء، ومنهم: الأئمة الأربعة وكان استدلالهم بالكتاب والسنة والعقل..
أدلتهم من الكتاب:
فقد استدلوا بآيات دلت بظاهرها على حجية الإجماع، وهي ليست نصاً في الدلالة حتّى تفيد القطع واليقين.
قال الآمدي: (إنّ التمسك بها وإن كانت مفيدة للظن فغير مفيدة في القطع وقدحصر الآمدي الآيات في خمس، وهي:
الأولى: قوله تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيلالمؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً
وتقريب الاستدلال: قال عنها الآمدي: (إنها أقوى ما استدلوا به، وبها تمسك الشافعي)
الثانية: قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس
الثالثة: قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر )
ب – أدلتهم من السنة:
لقد استدلوا بما تواتر عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – تواتراً معنوياً حول عصمة هذه الأمة بألفاظ مختلفة على لسان الثقاة من الصحابة …
منها: قوله – صلى الله عليه وآله ـ: “لا تجتمع أمتي على ضلالة”
ومنها: قوله – صلى الله عليه وآله ـ: “سألت الله أنّ لا تجتمع أمتي على الضلالة فأعطانيه“.
ومنها: حديث معاذ قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وآله ـ: “ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله تعالى، ومنا صحة ولاة الأمور، ولزوم جماعةالمسلمين”..
وقد أشار الغزالي إلى التواتر المعنوي في هذه الأخبار بقوله: “إنّ الأقوى في الاستدلال على حجيّة الإجماع أنّ نقول: تظاهرت الرواية عن الرسول بألفاظ مختلفة مع اتفاق في عصمة هذه الأمة من الخطأ”
ج – الاستدلال بالعقل: وقد صور بصورتين:
الصورة الأولى: وقد صورها الغزالي في المنخول فقال: (فإن قيل: فما المختارعندكم في إثبات حجية الإجماع؟ قلنا: لا مطمع في مسلك عقلي إذ ليس فيه ما يدل عليه،ولم يشهد له من جهة السمع خبر متواتر ولا نص كتاب، وإثبات الإجماع بالإجماع تهافت،والقياس المظنون لا مجال له في القطعيات، وهذه مدارك الإحكام، ولم يبق وراءه إلاّمسالك العرف، فلعلنا نتلقاه منه ثم عرضه بالصورة التالية، وهي: أنّ تجتمع الأمة علىالقطع في مسألة مظنونة، فإذا قطعوا قولهم وقد كثر عددهم بحيث لا يتصور منهم في طردالعادة التواطؤ على الكذب فهذا يورث العلم إذ يستحيل في العادة ذهولهم وهم الجمعالكثير عن مسلك الحق مع كثرة بحثهم
وإغراقهم في الفحص عن مأخذ الأحكام)
الصورة الثانية: وهي التي تسمى بـ”قاعدة اللطف” والمنسوبة إلى الشيخ الطوسي،وتقريبها: أنّه (متى فرضنا أنّ يكون الحق في واحد من الأقوال ولم يكن هناك ما يميز ذلك القول من غيره فلا يجوز للإمام المعصوم – حينئذ – الاستتار، ووجب عليه أن يظهر ويبين الحق في تلك المسألة، أو يعلم بعض ثقاته – الّذين يسكن إليهم – الحق من تلك الأفعال حتّى يؤدي ذلك إلى الأمة)
ثانياً: أدلة النافين:
استدل النافون للإجماع بعدة صور من الاستدلال، وسنجمل هنا بعضها:
الأولى: باعتبار تحققه.
فإن الاتفاق يقتضي نقل الحكم إليهم، ونقله إلى جميع المجتهدين يستحيل عادة؛لتباين أماكنهم وانتشارهم في أنحاء العالم، فإذا امتنع نقل الحكم إليهم يمتنع بالتالي اتفاقهم عليه.
كما أنّ الإجماع لابد له من سند، فإن كان قطعياً – فهو لا يخفى على المجتهدين لتوفر الدواعي على نقله – فيكون معلوماً لهم، وهو الذي يستندون إليه فلا حاجة إلى الإجماع معه. وإن كان ظنياً فتختلف الأفهام فيه، ولا يمكن الاتفاق على فهم معنى واحد منه، كما لا يمكن اتفاق كلّ الناس على اشتهاء طعام واحد في وقت واحد
ثم إنّ مرادهم بالقطعي: إنّ كان قطعي الثبوت والدلالة فليس مما نحن فيه؛ لأنه ليس محلاً للاجتهاد. وان أرادوا به قطعي الثبوت ظني الدلالة فإنهم إنّ عرفوه كلهم فمجرد معرفته لا تكفي، بل لابد من البحث عن مراد الشارع منه، وليس هناك مانع يمنع اتفاقهم على فهم حكم واحد منه متى دلت القرائن عليه وظهرت للجميع.
الصورة الثانية: وهي: استحالة العلم به على فرض تحققه..
ويتلخص الاستدلال بأن ما ليس بضروري ولا وجداني فطريق معرفته الحس أو الخبر أوالنظر العقلي، والوقوف على الثلاثة متعذر.
ومن الامثلة على هذا الاستدلال بإجماع الصحابة على بيعة أبي بكر بالخلافة، وكذلك اتفاقهم على جمع المصحف في عهده أيضاً، ونقل ذلك بالتواتر إلى اليوم، وأنه يكفي فينقض الدعوى أنّ أثبت بعض جزئياتها في عصر الصحابة .. إلاّ أنّه يمكن القول: بأن الإشكال باق إذا أريد من الإجماع اتفاق أمة محمّد – صلى الله عليه وآله – على مختلف ……. فيه
ونختم هذه المقالة بما طرحه الدكتور عبد الرزاق السنهوري حيث يسجل “..أن وجود الإجماع كمصدر للتشريع الإسلامي، كان أمراً ضرورياً، لأن القرآن والسنة وهما المصدران الأولان للشريعة، قد أخذا صورة نهائية في فترة قصيرة انتهت بوفاة النبي صلى الله عليه وآله، في حين أن الشريعة يجب أن تبقى بعد ذلك في نمو مستمر، وتطور متواصل.
الوضع الذي استلزم وجود مصدر ثالث دائم يدخل عنصر المرونة والتطور في أحكام الشريعة الإسلامية، وهذا المصدر هو الإجماع الذي يمكنه التطور الدائم مع تقدم العصور، وتغير الظروف، وأن يسد حاجات المجتمع الإسلامي إلى أحكام جديدة.
والإجماع من هذه الجهة، هو أداة فنية ضرورية لصياغة أحكام الشريعة، وتقنينها ونموها وملاءمتها مع حاجات المجتمع وظروفه.
…ويرى الدكتور السنهوري أن أهمية الإجماع كمصدر للتشريع، تزداد إذا لاحظنا أنه كالشورى يعتبر أساساً للنظام النيابي في الإسلام، الأمر الذي يستدعي في نظره البحث عن دور الإجماع في نظام الحكم الإسلامي، وعلاقته بمبدأ الشورى والنظام النيابي.
وفي تقديره أن الإجماع لكي يواصل تطوره ويقوم بوظيفته، لا بد له من خطوتين، هما:
الخطوة الأولى: تنظيم الأداة العملية للإجماع بطريقة المداولة في مجلس شورى.
الخطوة الثانية: اتخاذ الإجماع أساساً للنظام النيابي في الحكم الإسلامي، وهذه الفكرة ليست غريبة عن المبادئ التي أشارت لها كتب الفقهاء الأقدمين.