كسر الخاطر : بنكيران يعترف بأنه شاهد على الفساد..

عبد الحميد جماهري

شف رئيس الحكومة، السيد عبد الإله بنكيران عن «إغراءات بالارتشاء» تعرض لها وزيره في الصحة، السيد لحسن الوردي من طرف لوبيات تصنيع الدواء. وقد اختار المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، المنعقد في نهاية الاسبوع الماضي لكي يكشف عن هذا «السر» الخطير ..
وبعد ذلك، واصل حديثه عن شجون أخرى.
يبقى السؤال العالق: ما معنى أن يخبرنا صاحب السلطة التنفيذية الأولى، دستوريا بأن هناك محاولة إرشاء – وبالتالي واقعة فساد- يتعرض لها مسؤول سام، هو وزير، بدون أن يوضح لنا، أولا، تفاصيلها، وبدون أن يطلعنا ثانيا.، وهذا هو الأهم، على ما سيتخذه لكي يصير كل واحد الى ما جناه على نفسه.
ليس كافيا أن ينتفض السيد رئيس الحكومة، في مناسبة لإقناع مناضلي حزبه بجدوى ما يتعرض له من مؤامرات، ويقف عند وصف الحالة.
فالأمر يتعلق بحادثة فساد واضحة، ومن حق الرأي العام أن يعرف مضامينها، وأساسا، مجريات العدالة فيها.
وزيره في العدل والحريات الاستاذ مصطفى الرميد، كان في بداية ولايته قد ملأ الدنيا وشغل الناس في قضية الشكاية التي تقدم بها منعش تونسي بخصوص رجل قضاء ( الوكيل) ، الذي اعتقل وتم تعميم قصته على رؤوس الأشهاد.
أين وصلت القضية، وهل قام السيد الرميد بما كان يجب أن يقوم به – بعد أن قال إنه ثبت له أن الشكاية كانت كيدية- باعتقال الذي بلغ خبرا كاذبا؟
السؤال طواه النسيان مثل الجواب.
وتبقى العبرة..
وهي تحمل في طياتها ما مفاده أن وصف الفساد ليس كافيا، وأن الإعلاء من قيمة وزير الصحة ونظافة اليد ليس كافيا عندما يكون المرء مسؤولا وجاء الى المسؤولية على متن المحاسبة ومطالبته بمحاربه الفساد.
أي نموذج نقدمه للمغاربة عندما نعلن أن رئيس الحكومة ووزيره في الصحة كانا شاهدين (أخرسين في حقيقة الامر) على عملية إرشاء فاضحة وأنهما عوض إقرار مبدأ المحاسبة والعدالة، قررا الاكتفاء بالوصف ونفخ الصدر!
وأي نموذج نقدمه فعلا عندما يعطل المسؤولان القانون، ولا يحاربان الرشوة، عندما يكون وراءها جبابرة الدواء مثلا؟
لا نموذج في الواقع سوى الحرص على استمرار المحاولات ( في أفق نجاحها) بدون أن يشعر أصحاب النفوذ واللوبيات أنهم قد يتعرضون للمتابعة.
كيف نريد من مواطن بسيط أن يتقدم لدى أول مسؤول في الشرطة القضائية ليبلغ عن الراشي والمرتشي والماشي بينهما.. في حين يقف رئيس الوزراء موقف الكاتب الأدبي في سرد الوقائع، كما لو أنها أفعال تخييل روائي؟
ما يسلط الضوء على طبيعة محاربة الفساد لدى رئيس الحكومة، هو عندما يختار الحديث عنه أمام برلمان حزبه، المجلس الوطني، (وهو تمرين لا يمكن إلا الإشادة به) ويبقى البرلمان المنتخب، والذي يعد عدة الرئيس في الدفاع عن بقاء مهمته بدون .. إخبار!
كيف يمكن أن نفهم أن الرجل يتحدث الى المهندسين من حزبه والى أعضاء مجلسه الوطني، ويبقى الرأي العام في «حيص بيص» من أمر الفساد، الذي ربح فيه المغرب موقعا متقدما في الفترة الأخيرة، وزاد «تألقه«» على سلم الأمم بنقط إضافية.

عن جريدة الاتحاد الاشتراكي…12/31/2013

‫شاهد أيضًا‬

عندما توسط الحسن الثاني بين شاه إيران والخميني * عمر لبشيريت

يحكي عبداللطيف الفيلالي رحمه الله، وزير الخارجية والوزير الأول الأسبق، أن اتصالات المغرب ب…